عناصر مشابهة

البناء الثقافي للعلوم في مغرب القرنين 13م و14م ابن البنا - ابن خلدون

تفصيل البيانات البيبلوغرافية
المصدر:بحوث الندوة العلمية الدولية الأولى: تاريخ العلوم في الإسلام
الناشر: الرابطة المحمدية للعلماء
المؤلف الرئيسي: أبلاغ، محمد (مؤلف)
المجلد/العدد:مج1
محكمة:نعم
الدولة:المغرب
التاريخ الميلادي:2010
التاريخ الهجري:1430
الصفحات:81 - 107
رقم MD:583147
نوع المحتوى: بحوث المؤتمرات
قواعد المعلومات:IslamicInfo
مواضيع:
رابط المحتوى:
الوصف
المستخلص:عاش ابن خلدون في القرن 4 أم، والمتمعن في فكر القرنين 13 م و 14 م سيغير لا محالة من النظرة السائدة اليوم عنه التي تقول أنه فلتة من فلتات عصر ساده الانحطاط ، أو أنه تلميذ لابن رشد الذي نعرف أن قرنين من الزمان تفصل الرجلين ، فلم يكن القرنان 13م و 14 م قرني انحطاط وركود، وما كان للمقدمة التي هي أحد أهم الكتب المنجزة في الفكر الإنساني مأخوذا في مجمله أن تكون وليدة الصدفة ، فالصدفة في المجال الفكري والعلمي غير ممكنة. بل ما يتبين الآن هو أنه يمكن اعتبار هذا الكتاب بمثابة تركيب لهذا الفكر الذي حاولت أن أبين بعضا من ملامحه في هذا العرض ، الذي هو استمرار لأبحاث سابقة قمت بها، تحاول أن تجد الصلة بين ابن خلدون وشيوخه الذين هم في نفس الوقت تلامذة للرياضي المراكشي الكبير ابن البنا. لقد نقل ابن خلدون فكر هذين القرنين من المستوى الفكري إلى المستوى الثقافي، وبذلك نجد أن المقدمة قد كسرت التمييز الماهوي الذي أقامه النسق الأرسطي- الرشدي بين العلوم النظرية والعلوم العملية ، فكل العلوم سواء العقلية أو النقلية وجدت لها مكانة داخل المقدمة ، ولم يميز كما هو الأمر في النسق الأرسطي -الرشدي ، بين عالم ما تحت القمر وعالم ما فوق القمر في إطار عالم متناه مغلوق، بل العالم عوالم، يترقى فيها الإنسان معرفيا ووجوديا من عالم الحوادث إلى عالم التكوين فعالم العناصر وكل هذه العوالم متصلة. وبذلك فكل المعارف الإنسانية من أدنى الصناعات كصناعة التوليد أو الخياطة إلى أعل المعارف الإنسانية وجدت لها مكانا في مقدمة ابن خلدون في تناغم تام ، تناغم الإنسان نفسه مع الكون ، وحدهما الفلسفة الأولى والفيزياء كعلوم عقلية لم تجد لها مكانا داخل المقدمة ، ذلك أن ابن خلدون اعتبرها غير ضرورية ، وما كان له أن يستوعب أهميتهما في بناء علوم الأمة ، لأنه في عصره لم يتم التجاوز النهائي بعد للفلسفة الأرسطية. فربما ظن ابن خلدون أن دمج الفلسفة الأولى والفيزياء في جسم الثقافة-العربية الإسلامية نفسها هي مهمة منوطة بأجيال العلماء والفلاسفة اللاحقين عليه ، لكن ما وقع بعد ابن خلدون أن الأمة ظنت أنه بعد قرون من العمل الدءوب والمتواصل في المجال العلمي والفلسفي أن من حقها أن تستريح علميا، لكننا نعرف اليوم أن من يستريح علميا يتخلف فكريا وحضاريا. وبذلك فهذا العرض ، دعوة متواضعة لكي نضيف إلى العمل الجاد والهام الذي يقوم به مؤرخو العلم اليوم لإبراز حقيقة المساهمة العلمية في المرحلة العربية- الإسلامية من تاريخ العلوم ، الالتفات إلى الأبعاد الروحية والثقافية لأعمال علمائنا لأنها كانت هي الأساس الذي كان يحركهم نحو الكد والعمل الشاق وسهر الليالي في سبيل العلم والمعرفة ، ففهم هذه الأبعاد هو الذي سيمكننا في نهاية المطاف من جعلهم جزءا لا يتجزء من النسيج الفكري والثقافي والروحي للفكر الإسلامي المعاصر، لكي نساهم بفعالية أكبر في الفكر العالمي المعاصر، فالعلم الكوني هو الثقافة المشتركة بين الإنسانية جمعاء، والحداثة في أرقى صورها ليست شيئا آخر غير وزن الأشياء كلها بميزان العقل.