عناصر مشابهة

اليوطوبيا الثورية

تفصيل البيانات البيبلوغرافية
المصدر:مجلة مدارات
الناشر: جمعية مدارات معرفية
المؤلف الرئيسي: غنوشي، عواطف (مؤلف)
المجلد/العدد:ع31,32
محكمة:نعم
الدولة:تونس
التاريخ الميلادي:2018
الصفحات:91 - 100
ISSN:0330-7565
رقم MD:945357
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة:Arabic
قواعد المعلومات:HumanIndex
مواضيع:
رابط المحتوى:
الوصف
المستخلص:هذه الجنة التي طمح إليها "أفلاطون" في شكل "جمهورية فاضلة" و"توماس مور" على هيئة "جزيرة مثلى" يكتشفها مغامر برتغالي، و"مدينة الشمس" التي يحكمها "الشمس" (الأمير) بمساعدة "القوة" "العقل" والمحبة" كما تنبأ بها "توماس كامبانيلا" و"جمهورية أوسيانا" التي يعمها الخير والسعادة كما صورها "جيمس هارينتون" و"جمهورية العقد الاجتماعي" "لجان جاك روسو"، " والمجتمع الشيوعي" لدى " الماركسية" و" مدينة الفارابي الفاضلة"، و"المدينة الفكرية" "لإخوان الصفا"، و"مدينة العقل" "لابن باجة" وغيرها من المدن والعوالم المثالية التي تصورها كبار المتصوفة أمثال ابن عربي، الحلاج، السهروردي وغيرهم ممن أرادوا أوطانا ومدنا أجمل وأفضل من واقعهم تتحقق فيها ذواتهم. و" جمهوريات ديمقراطية" كانت حلما لكل مواطن فكانت يوتوبيات متفرقة أنهكها الساسة. فدلالة "يوطوبيا" "utopie" تعني مفهوم "اللامكان" en aucun lieu" كما نجدها تقريبا في العديد من المعاجم والموسوعات ويعود هذا المصطلح إلى اليونان، إذ "utopie" من "autipos" اليونانية حيث "au" بمعني "لا" و "topos" بمعنى "بمكان" أي المكان المتخيل الذي لا وجود له في الواقع أو المكان الذي لا يمكن تطبيقه ولا وجود له في الواقع المعاش بمعنى "lieu nexiste pas" هو المتخيل والمأمول. ذلك يوحي بالقول إلى أن دلالة "يوطوبيا" تعني اللاموجود في هذا المكان أو في الواقع، أو لنقل هو اللاوقع هو المأمول والمرغوب فيه والما يجب أن يكون خلافا لم هو كائن. وإذا ما أرجعنا هذا المصطلح إلى دلالته الفلسفية العميقة التي ذهب إليها "توماس مور في كتابه "اليوطوبيا" وأفلاطون في الجمهورية و"أنطلنطيد الجديدة" "لفرنسيس بيكون» ومدينة الشمس" «لتوماس كامبانيلا" وغيرهم، فإن مصطلح اليوطوبيا يتعلق بمفهوم "المدن والمدينة"، بمعنى أنه "يمكننا النظر إليها (اليوطوبيا) على أنها تلك التصاميم والرؤى الفكرية التي تعتمد التأمل وسيلة للتخطيط، فهي ترسيمات جديدة تكون منذ البداية شكل مدينة أو جمهورية يحلو فيها العيش فتختلف جذريا عن تلك التي يعرفها الناس أو يحيونها فهي أشبه بالجنة الموعودة لأنها مثلت طموحا أو حلما دونته أقلام أو فكر حكمه الخيال يمكن القول أننا نعثر داخل "اليوطوبيا" على بعد ثوري مثل "ثورة" و"تمرد" ورفض" للواقع والمألوف و"تقويض" لمفاهيم وقيم كانت سائدة في كل عصر. هي قيم لا إنسانية ومفاهيم متضاربة وجب تغييرها، لكن هناك سلطة ما تردعها ربما تكون هذه السلطة على هيئة قوانين مستبدة أو حاكم متفرد بالحكم فيكون العقل غائبا في حالة حضور الطاعة من قبل الرعية، أو ربما تكون هذه السلطة سلطة انتشار الجهل وغياب الوعي كما يمكن أن تكون على هيئة قوانين شرعية يحجر المساس بها. هذه الأمثلة من السلط أو العادات والتقاليد كان وجوبا تقويضها بوضع أصول وقوانين ومبادئ جديدة متخيلة كأساس لقيام مدن يوطوبية. وهذا ما يدعونا إلى الحديث عن "ثورية اليوتوبيا" واليوتوبيا الثورية" في عصر صار لزاما علينا أن نكون فيه يوطوبيين وثوريين ونقاد ومشككين سعيا إلى تأسيس "إنسانية جديدة" واديمقراطية جديدة" وأوطان حرة" ويوطوبيا حرة» تنتصر للفكر وتؤسس إلى كل معاني الإنسانية وتتكلم بصوت كل إنسان مهزوم ومقهور أمام سلطة ما. وهذا ما أردنا الوصول إليه في هذه الدراسة هو الوقوف عند دلالة اليوتوبيا الثورية.