عناصر مشابهة

هواجس العولمة عند شعراء العربية المعاصرين

تفصيل البيانات البيبلوغرافية
المصدر:مجلة العلوم الإنسانية
الناشر: جامعة المرقب - كلية الآداب بالخمس
المؤلف الرئيسي: كندي، محمد علي (مؤلف)
المجلد/العدد:ع10
محكمة:نعم
الدولة:ليبيا
التاريخ الميلادي:2015
الصفحات:205 - 230
رقم MD:765797
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة:Arabic
قواعد المعلومات:HumanIndex
مواضيع:
رابط المحتوى:
الوصف
المستخلص:تراجع الذائقة وانتهاك الخصوصية وانعدام الشعرية شكلت أهم الهواجس التي تؤرق الشاعر العربي المعاصر، وظهرت جلية في تأسيساته النظرية ولقاءاته الإعلامية وهو ما جرت متابعة بعض منه في هذه الوقفة التأملية لملابسات المشهد الشعري العربي الراهن، بحيث تبدت الحاجة واضحة لاستكمال هذا البحث بالدرس التحليلي والفحص التفكيكي لبعض نماذج الإبداع الشعري العربي المعاصر المثقل بهموم "العولمة" وتداعياتها، وهو ما سيأتي – إن شاء الله تعالى – في ورقة قادمة منفصلة؛ وحوصلة لما تقدم يمكن القول: إن ثقافة العولمة بما اعتمدته من وسائل وأساليب – سبق ذكرها – أصبحت تهدد التنوع الثقافي عالميا، واصبح الضغط هائلا، وفي تزايد مستمر على بعض الكيانات الثقافية الفاعلة تايخيا، ومنها كيان الثقافة العربية الإسلامية، ولكنها ليست وحدها التي تواجه خطر التفكير والتشتيت ثم التذويب، بل معظم الثقافات ذات الفاعلية تاريخيا ولذلك فإن هاجس التذويب الثقافي، والتوحيد النمطي للثقافة العالمية بات هاجسا لدى معظم شعوب المعمورة، "ولقد جثم هذا الهاجس المخيف على المؤثر الذي عقدته منظمة" اليونسكو" حول الثقافة والتنمية في مارس 1998 بمدينة استكهولم والذي كانت ورقته الرئيسية بعنوان "تنوعنا الخلاق" "Our Créative Diversity" بل إن حلفاء أمريكا من أوربا الغربية وكندا، أنفسهم يساورهم قلق عميق حيال موجات الضخ الإعلامي الثقافي الأمريكي، بما جعلهم يمتنعون عند توقيع بعض اتفاقيات تحرير السلع والمواد الثقافية ووصل الأمر إلى حد التذمر العلني على لسان وزير خارجية كندا الذي اشتكى أن أطفال كندا لم يعودوا يعوا أنهم كنديون، قائلا: "لئن كان الاحتكار أمرا سيئا في صناعة استهلاكية، فإنه أسوأ إلى أقصى درجة في صناعة الثقافة، حيث لا يقتصر الأمر على تثبيت الأسعار وإنما يتعداه إلى تثبيت الأفكار"( ). ماذا يمكن للشاعر العربي المعاصر أن يفعل أمام وضع تلك بعض ملامحه؟ هل يمكنه أن يواصل مسيرة أسلافه في التعبير والبوح والإفضاء؟ أم تراه "يحطم القيثار ويصمت عن الغناء"؟ - ليس خافيا مدى صعوبة الإجابة القطعية عن مثل هذه التساؤلات الاحتمالية المستقبلية غير أنني أميل إلى القول: إن الشعر من نفس الحياة، وهو بعض من الأحياء فلا ينقرض إلا بفنائهم، وإن كانت المعاناة، وسط ظروف العولمة وثقافاتها، قاسية مريرة؛ ربما يكون الشعر اليوم في أضيق مجاريه وأدق مراحله، بعد أن تقلصت مساحاته، وانكمشت أوصاله وأطرافه، وتضاءلت فرص ظهوره وذيوعه، ولعله فقد الأشياع والأتباع، وتفرقت عن موائده الأبصار والأسماع، وما بقى له غير القلة القليلة في الربوع والأصقاع، لكنه – بعرفه – سيقاوم الأهوال والأخطار والأطماع، ليعود من جديد، يحمل الوعود والورود، ويبشر الأمة الأبية الولود، بأنها على ميعادها تعود، تجابه الأنواء والأمطار والرعود، تقدم الدليل للحيارى، وتطلق العنان للشبان والعذارى، لدورة الحياة،،،،،،،،، وفرصة النجاة ،،،،،،،،،،،،،،،، وعودة الحضارة. وخروجا من هذه الدفقة الفياضة أقول، إنه يمكن للشاعر العربي المعاصر، أن يتعامل مع هذه الموجة العاتية من الثقافة الكونية، بامتلاكه لمزيد من مكوناتها، وقدرته على التوظيف الفعال لكثير من أدواتها ووسائلها، والعمل على التوسل لمخاطبيه بما استجد من تلك الأساليب، بما يجعله مواكبا لما يطرأ في حياتهم، ويحدث لأذواقهم وميولهم، وفي كل ذلك يبقى عاملا: السرعة والتزامن على درجة عالية من الأهمية، لتحقيق نوع من التواصل الشعري، ومن ثم الوجداني مع هذه الفئة الجديدة من المخاطبين، وبخاصة فئة الشباب منهم، وكما قال الشاعر اللبناني المعاصر/ بول شاؤول: "فإن الشعراء العرب عرفوا، في مختلف العصور، "عولمات" متعددة لكنهم حولوها إلى إبداع عربي خالص"( ). ومع التسليم بأنه لا يمكن تقديم وصفة تفصيلية تكون ناجحة، على وجه اليقين، في التواصل مع أذواق جيل ثقافة العولمة، لكن الغالب على الظن أن التعامل بالأسلوب نفسه لملتقي الخطاب، واستعمال الأداة عينها قد يكون معينا في توحيد الإشارة بين المرسل والمستقبل، وإن مما يبعث شيئا من الاطمئنان – في هذا الخصوص – ما بات يعرف "بالانفجار اللغوي" المصاحب لثقافة العولمة؛ إذ عادت شعوب وأقليات إلى لغاتها الأصلية التي كانت منقرضة أو نحو ذلك، فعملت على تفعيلها وبثها من جديد، عبر وسائط العولمة وأدواتها الحديثة، وهو ما يعني بقاء شيء من المسارب والممرات للغات الأمم الهشة والكيانات الضعيفة.