عناصر مشابهة

حرف القاف ومخالسة اللهجات

تفصيل البيانات البيبلوغرافية
المصدر:مجلة مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية
الناشر: مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية
المؤلف الرئيسي: العوض، صالح بن إبراهيم (مؤلف)
المجلد/العدد:ع5
محكمة:نعم
الدولة:السعودية
التاريخ الميلادي:2014
التاريخ الهجري:1435
الصفحات:340 - 364
ISSN:1658-6530
رقم MD:590564
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
قواعد المعلومات:AraBase
مواضيع:
رابط المحتوى:
الوصف
المستخلص:بعد كل هذا يمكننا القول أن ما شَرَعَ به بعض دعاة النزوع إلى تطوير الكتابة العربية من منطلقات ودعوات مشبوهة؛ أدت إلى التباس بين الصوت والحرف، وبين ما هو ثابت راسخ محفوظ للخاصة ولخاصة الخاصة، وما هو متغير يتداوله الناس بشتى طبقاتهم، عربيهم وأعجميهم في شؤونهم اليومية العامة، إن ذلك ليدعوا إلى ابتداع رمز كتابي يحكي ما وصلت إليه العامة في انحدار تطبيقها الصوتي، وابتعادها عن تحقيق مخارج بعض حروف اللغة العربية الفصيحة الصريحة، ما أوصلها إلى التداخل والخلط، لتنأى ببعضها عن أصوله، فينازع الحروف الأصيلة وهو فرع منها كما قرر أسلافنا، فهذا أمر مرفوض ولا يصح بحال على لغة ثابتة الدعائم لا تتزعزع أركانها. إن حرف القاف، منذ عرف العربي ألفاظه، لم يكن على وتيرة واحدة في الأقاليم العربية في جزيرة العرب؛ فالجنوبي يؤديه بطريقة لا تتفق مع أخيه الشمالي، والشرقي ينطقه بصيغة مغايرة لما عليه أخوه في الغرب، وحفلت المعاجم بنُقُول مختلفة لأصوات البيئات واللهجات المتعددة، ولكنها أبقت على أصله، ولم تدعُ إلى وضع رسم له حسب كل بيئة، أو تفصل بين مخارجه رغم ثبوت تعددها، لسبب واحد هو أن العرب اجتمعوا على لغة قريش التي هي أفصح اللغات، فاستقروا على قبولها واعتمادها في أيامهم وتجمعاتهم الموسمية، التعبدية أو غيرها، وبها نزل القرآن الكريم ولم يختلفوا أو يتنازعوا حول تباين لهجاتهم، وإلا لكنا اليوم في جدال حول ما نراه ونسمعه من لهجات غريبة وقلب للحروف. أما التحول الصوتي الحادث في بعض البلدان العربية التي تضم أخلاطاً من الناس، تتنوع أعراقها وأجناسها، لتخرج بلهجة أقل ما يقال عنها إنها ليست عربية ألبتة، فقد أوصلنا إلى أن نرى بعض المنسوبين إلى العربية، وربما كان فيهم غير العرب، يقلبون الظاء زاياً مفخمة، والذال زاياً مرققة، والثاء سيناً، والقاف همزة، والجيم قافاً، بمنهج أحالها إلى منحى فطري يتوارثه أبناؤهم، وهؤلاء لا يدخلون في موضوع بحثنا هنا، لأنهم خرجوا على اللغة ولم يطبقوا مخارج حروفها تبعاً لأصولها، ولكننا لو دعونا كما يدعو بعض المنجرِّين وراء الدراسات الصوتية واللسانيات لأقررنا لها بالأصالة والسيادة، وربما تبنيناً لها منهجاً كتابياً كما رأيناه لدى تبقيط حرف القاف. لقد تهيب علماء أجلاء الخوض في لهجة العوام منذ قرون مضت، وهم لهم باع طويل وقدم سبق في استيعاب أحوال اللغة ومداليلها وما تؤول إليه، فلم يجرؤوا على معالجة شيء يمت إلى العامية بصلة، وهم يرون أنه ينأى بأصول اللغة النقية عن أركانها وقواعدها وجذورها، مع أننا وجدناهم يتمثلون في أبيات لهم نظموها بلهجتهم الدارجة، ويوردونها في بعض كتبهم، يستملحونها ويروحون بها تحميضاً من جدية بعض النصوص التي ينقلونها، فهم يحترزون من الثناء عليها، ولا يتناولون جوانبها البنائية مقارنة لها بالشعر الرصين المحكم، وأنفة من مداناة غيره إليه. فما بالنا نرى بيننا اليوم من يتنصل من أمانته ويتحلل من موروثه ليستبدله بالأدنى؟!