عناصر مشابهة

المعرفة المشتركة في حياة الناس اليومية : ‪ اللباس و التدين ‪

تفصيل البيانات البيبلوغرافية
المصدر:مجلة عُمران للعلوم الاجتماعية
الناشر: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات
المؤلف الرئيسي: رشيق، حسن (مؤلف)
المجلد/العدد:مج 1, ع 2‪
محكمة:نعم
الدولة:قطر
التاريخ الميلادي:2012
الصفحات:85 - 98
ISSN:2305-2473
رقم MD:484504
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
قواعد المعلومات:EduSearch
HumanIndex
مواضيع:
رابط المحتوى:
الوصف
المستخلص:لا يكفي الحديث عن تعدد معاني الحجاب، بل يجب أيضا تحليل كيفية انتظامها ضمن نماذج ثقافية محددة. هناك النموذج الديني الذي ينعت غالبا بالأصولي أو الإسلامي والذي يشترط لباسا شرعيا: جلباب، برقع، نقاب. في هذه الحالة تغلب المعاني الدينية. وهناك نموذج أخر يمزج بين الحجاب واللباس التقليدي، خصوصا عند المتقدمات في السن. وتغلب هنا القيم التقليدية المرتبطة بالحشمة. ثم هناك النموذج الذي يمزج بين الحجاب واللباس الغربي. وهنا يمكن أن تغلب القيم البراغماتية والجمالية. هكذا لا يمكن بأن نسلم أن لباس الحجاب مرتبط في كل الحالات بالتدين، وحتى إذا فعلنا ذلك يلزمنا الأخذ بعين الاعتبار علاقة التدين بأبعاد المحيط الثقافي أكانت تقليدية أم غربية. والتدين، كما بينت دراسات سابقة، لا يستثني النساء غير المتحجبات ( ). \\\\ لا يمكن الجزم بصفة صارمة ومطلقة بغلبة نموذج ما. بل هناك تنويعات باختلاف الموضوع والقرينة. فاللباس كان منظما في إطار ثنائية التقليدي والعصري، ولم يصبح موضوعا للتدين إلا في عهد قريب. وما زال تأثيث المنزل منظما خارج كل تصور ديني، حيث نجد التقابل بين الصالون البلدي والصالون الرومي ولا أثر لأي فكرة من قبيل "الثأثيث الإسلامي ". \\\\ لا تعني "الروتنة " انتشار الشيء نفسه وتبنيه كما هو من جانب أكبر عدد من الناس، بل إضفاء معان "جديدة" انطلاقا من المرجعية الثقافية والوضع الاجتماعي للمعنيين. هكذا نرى أن ما يميز مجتمعات كالمغرب ليس رجوع التدين أو ضعفه، ولا الصحوة الدينية أو الابتعاد عن الدين. إن ما يميز هذه المرحلة غير المسبوقة من تاريخ المغرب هو التعدد الديني، ليس هنا بمعنى اختلاف الديانات، ولكن بمعنى اختلاف التصورات عن الدين نفسه. وهذا ما يغفله عدد من دارسي الإسلام والدول المسلمة الذين يفضلون إعطاء صورة كبيرة للإسلام يبدو فيها التدين عبارة عن منظومة متجانسة ومنسجمة من المعتقدات والسلوكات. يجب أن نقر بأن أمام كل فرد مجموعة أو مخزون من الاختيارات تقل أو تكثر بحسب درجة انفتاح النظام السياسي، وبأن هذا يدفعنا لدراسة التدين بكل تنويعاته عوض الخروج بتعميمات تجعل كل المسلمين أفرادا مستنسخين. والثقافة، بالنسبة إلينا، دينا كانت أو غير ذلك، ليست مجموعة من القيم تفرض على الأفراد معتقدات وسلوكات معينة، بل مخزون من القيم يجد فيه الفرد عروضا متنوعة، مختلقة ومتناقضة. ويتحدد مدى الاختيار بالنسبة إلى كل فرد بمدى الانفتاح السياسي والثقافي للمجتمع الذي ينتمي إليه. فـ "الروتنة" كعملية اجتماعية تفترض إذا وجود حد أدنى من الحرية الفردية والجماعية. وهكذا يصعب الحديث عنها في الدول التي تفرض الحجاب أو تمنعه. \\\\ لم يكن في وسع النساء العصريات إبان الاستعمار سوى تبني الجلابة الذكورية، هذا ما كان معروضا وممكنا. فضاء الممكن هذا سيتسع بالنسبة إلى الأجيال التالية التي ستقبل على اللباس الغربي. والآن أصبح العرض متنوعا جدا، خصوصا أن النماذج الثقافية التي أوردناها ليست بالضرورة حصرية، بل قابلة للمزج والتهجين. في إطار هذا التعدد الذي يعرفه المشهد الديني والثقافي عامة، نرى من الضروري دراسة نشأة مستوى ثقافي يعد وسطا بين الثقافة العالمة (culture savante) والثقافة المشتركة؛ فمع تعقد التراتب الثقافي الذي لم يعد محصورا في ثنائية الخاصة والعامة كما كان معروفا في المجتمعات التقليدية، وخصوصا مع بروز طبقات وسطى متعلمة، نشهد بروز معرفة وسطى متأثرة أكثر بالخطاب الثقافي العالمي والخطاب الأيديولوجي. لتوضيح هذه الثقافة الوسطى يمكن التذكير بما يسمى اللغة الثالثة، وهي بين اللغة العربية والعامية. ونفترض أن التدين تغير بوجود هذه الطبقات الوسطى المؤهلة لإضفاء المعايير البراغماتية والجمالية على الحجاب. ويجد الفرد المتعلم نفسه مضطرا إلى حد ما إلى استعمال أفكار وكلمات مستقاة من الخطابات العالمة وتبسيطها لتبرير سلوكه. \\\\ إن دراسة التدين بكل وجوهه يجنبنا، على الأقل، أن نجعل من الجزء كلا. هناك مثلا دارسون للتدين الشعبي يعطون صورة للإسلام تتسم بالتنوع والرخاوة بينما نجد دارسي الأيديولوجيات الإسلامية يفضون إلى صورة معاكسة، كليانية متسمة بالتشدد والصرامة. إن الأخذ بكل وجوه التدين، خصوصا منها المرتبط بالمعرفة المشتركة الملتصقة بدورها بالحياة اليومية، يدعونا إلى تجنب الصور الكبيرة عن الإسلام والمسلمين. \\\\ ‪