عناصر مشابهة

الحركة القومية العربية : تجربة نصف قرن

تفصيل البيانات البيبلوغرافية
المصدر:مجلة الديمقراطية
الناشر: مؤسسة الأهرام
المؤلف الرئيسي: كيلة، سلامة (مؤلف)
المجلد/العدد:مج 5, ع 17
محكمة:نعم
الدولة:مصر
التاريخ الميلادي:2005
الصفحات:41 - 48
ISSN:2356-9093
رقم MD:334209
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
قواعد المعلومات:HumanIndex
EcoLink
مواضيع:
رابط المحتوى:
الوصف
المستخلص:إذن، سنلمس هنا أن التجربة واجهت مشكلات ثلاث. فقد واجهت أولا مشكلة الفئات التي لعبت دور القيادة، حيث قاد التغيير الأولى الذي أحدثته في البنى الاقتصادية الاجتماعية بعد أن أصبحت هي السلطة، إلى أن يتغلب موضوعيا منطق المصالح على منطق الأهداف والشعارات الكبيرة والمصلحة العامة، الأمر الذي جعل محاولة التطور قصيرة المدى ومؤلمة ولم تفعل سوى تدمير البنى القديمة وتحقيق بعض التحديث وتحسن في التعليم. وواجهت ثانيا مشكلة التناقض المزمن من القوى العالمية المسيطرة، أي قوى النمط الرأسمالي العالمي، التي تحتجز التطور في الأطراف، وبالتالي تمنع بناء الصناعة والوحدة القومية والحداثة (بما فيها في مجال الفكر والنظم السياسية)، ولهذا ليس من رادع أمامها في التدخل والتغيير بالقوة، خصوصا بعد انهيار المنظومة الاشتراكية، وثالثا مأزق الرؤية الفكرية التي حكمت الحركة القومية العربية. وخصوصا حزب البعث العربي الاشتراكي، الذي كان تكوينه الأولى يتسم بالرومانسية المفرطة، وكان منطقه يكرس القدرية والعفوية، وتسكنه إرادوية هائلة ما دام أن وعي وجود الأمة يفضي حتما إلى تحقق وحدتها، ويعاني من اختلاط التصورات كما حاولت التوضيح فيما يتعلق بالاشتراكية. وحين حاول الإفادة من الماركسية والتجارب الاشتراكية تعامل مع الأفكار من زاوية تقنية بحته بما يخدم التخطيط الاقتصادي أو آليات القمع السلطوي. هذا الفكر لم يكن قادرا على وعي الواقع بتنوعه وتعدده وعمق مشكلاته، وبالتالي على صياغة الرؤية التي تقود إلى تغييره، وهو الذي فتح الأفق لانتصار الاختيارات الذاتية، والبراجماتية العملية التي رجحت مصالح الأفراد في عملية نهب سريعة، دون المقدرة على بناء ما يساعد على دوام التطور وعلى حمايته في مواجهة القوى الرأسمالية. وإذا كان حزب البعث السوري يتنظر النهاية، فإن البعث العراقي ينخرط في المقاومة ضد الاحتلال الأميركي، لكنه ينخرط محملا بإرث ثقيل من العنف الدموي الداخلي ومن ممارسات الاضطهاد السياسي ضد المعارضة، ومن سلطة غاشمة مستبدة. الأمر الذي يلقي بظلاله على إمكانيات أن يلعب دورا مهما في المقاومة، نتيجة العجز عن استقطاب القاعدة الشعبية الضرورية لأن يصبح قوة أساسية، ومن ثم يبدو وضع الحزب في الوطن العربي صعبا، ولا يبدو أنه يمكن أن يلعب دورا ذا بال. ويمكن هنا الإشارة إلى أن الحركة القومية العربية باتت في مأزق عميق، حيث لازالت لم تستطع تحليل أزمة انهيار نظمها، وكيف يمكن أن تحقق التطور دون أن تكسر أحلامها وتنبت طبقة جديدة حريصة على الارتباط بالرأسمال العالمي، ولا كيف يمكن أن تتحقق الوحدة العربية، حيث مالت كل البحوث في هذا المجال نحو "التريث" والتدرج وراهنت على البدء من الاقتصادي (الوحدة الاقتصادية التي خفضت إلى السوق الاقتصادي). وإذا كان الفكر القومي بات يتبنى مسألة الديمقراطية كونها الحل السحري والتجاوز لمشكلات الحركة القومية، فإن ذلك لم يسمح لهذا الفكر أن يعيد إنتاج مجمل الفكر القومي في صيغة مطابقة للواقع القائم، ولم تشكل الديمقراطية مخرج النجاة بعد تجربة مؤلمة قادها وهو في السلطة، أو بفعل المال الذي أفضت إليه التجربة ذاتها.