عناصر مشابهة

الديغولية التركية ونهج التعاطي مع مشروع الهلال الإيراني الشيعي

تفصيل البيانات البيبلوغرافية
المصدر:مجلة الدراسات الإيرانية
الناشر: المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
المؤلف الرئيسي: غاسبرتو، ألبرتو (مؤلف)
المجلد/العدد:مج2, ع8
محكمة:نعم
الدولة:السعودية
التاريخ الميلادي:2018
الصفحات:103 - 122
ISSN:1658-7464
رقم MD:1285010
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة:Arabic
قواعد المعلومات:EcoLink
مواضيع:
رابط المحتوى:
الوصف
المستخلص:اعتمدت هذه الدراسة على نموذج FPA لاكتشاف العوامل المادية والنفسية الرئيسية التي تؤثر على نهج تركيا تجاه "الهلال الإيراني الشيعي" بهذه الطريقة، محاولة تفكيك هذا المفهوم من أي بعد أيديولوجي. وعليه سعت الدراسة لتثبت أن تحركات كل من تركيا وإيران في الشرق الأوسط تدفعها في المقام الأول الاهتمامات الاستراتيجية، وبالنظر إلى العوامل النفسية مثل خوف طهران من التطويق و"متلازمة سيفر" في أنقرة هي من العوامل بالغة الأهمية في هذا السياق. ومن ناحية أخرى، إذا كان الدين والأيديولوجيا وفن الخطاب من العناصر النمطية للمنافسة السياسية، سواء في الداخل أو في الشؤون الخارجية، فإن توظيفهم في السياق المناسب بمثابة محاولة لفهم إلى أي مدى يمكن لصانعي القرار استخدام هذه الأدوات النمطية بصورة ناجعة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية. حاولت هذه الورقة أن تقدم بعض الأمثلة على ذلك، من خلال التركيز على ثلاث قضايا رئيسية جرت في أعقاب الانتفاضات العربية. ما حدث أنه مع الانتقال من إطار كلاسيكي قائم على التعاون الاقتصادي والمنافسات الجيو-سياسية، وجدت تركيا وإيران أرضية مشتركة للتفاهم المتبادل، على الرغم من أن التباعد السياسي والعسكري قائم. في أعقاب الأزمة السورية، ظهر مصدر رئيسي لتوتر العلاقات الثنائية عندما قررت تركيا استضافة قوات أمريكية على أراضيها، الخطوة التي اعتبرتها طهران تهديدا مباشرا لأمنها، وحاول المسؤولون الأتراك تهدئة نظرائهم الإيرانيين بأن الوجود الأمريكي له أهداف دفاعية فقط. ولشعور إيران بالحصار بسبب الوجود المستمر للقوات الأمريكية قرب حدودها، وعدم استقرار الأوضاع في البلدان المجاورة، وكذلك تهديد الجماعات المتطرفة، استمرت إيران بالدفع في نفوذها إلى الخارج من خلال الاستفادة من العامل الشيعي، الأمر الذي أدى إلى إنشاء ممر جيو-سياسي قوي يبرز قوة إيران بالقرب من الحدود الإسرائيلية. يبدو أن تل أبيب وبعض دول الخليج العربي، مؤشر لتوجيه سياسة إيران الخارجية على مر السنين. لذلك، وبعيدا عن التنافس الجيو-سياسي الحقيقي بسبب مكانتهم في الشرق الأوسط، لطالما تصرفت تركيا وإيران كأن للتفاهم المتبادل مجالا يمكن أن يفتح الباب أمام تخفيف المتلازمات المتبادلة من الدولتين كالتطويق أو العزلة. يمكن أن تذكر أمثلة في هذا السياق، منها: أ- ظهور ائتلاف تركي-إيراني-قطري لمواجهة جهود الدول العربية ودول الخليج السنية لعزل الدوحة اقتصاديا في صيف ٢٠١٧. ب- التقارب بين إيران وتركيا بشأن استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في نوفمبر ٢٠١٧.

علاوة على ذلك فإن الأزمة السورية لم تباعد بين تركيا والأكراد فحسب، بل ومهدت الطريق لمواجهة في نهاية المطاف بين إيران وإسرائيل. لقد ساد مثل هذا التوجه على التنافس الجيو-سياسي الكلاسيكي بين تركيا وإيران ودفعهما نحو التعاون. وعلى الرغم من أن الخلافات السياسية والعسكرية الواضحة لا تزال موجودة، فإن أنقرة أجبرت على إيجاد تسوية مع طهران بشأن قضايا الشرق الأوسط الشائكة. كان هذا نتيجة لبحث تركيا عن الاستقلالية الاستراتيجية في ظل حزب العدالة والتنمية، والابتعاد التدريجي عن التحالفات التقليدية، وتبني النهج الأوروبي-الآسيوي، وفي نفس السياق إعادة تقييم أهمية إظهار النفوذ في الشرق الأوسط عن طريق الانتقال من نهجها المعياري الفاشل تحت إشراف أحمد داود أوغلو إلى تبني "تكتيك أردوغاني" جديد (يعتبر أفضل انعكاساتها في الانخراط التكتيكي مع موسكو) لتستجيب أخيرا للمشروع الإيراني لتأسيس هلال شيعي ولإزالة التوترات الثنائية بين البلدين. لقد أثبت هذا التقارب في القضايا الاقتصادية والطاقة أنه ركن أساسي في هذه العملية. بعد انهيار الاتحاد السوفييتي أصبحت منطقة آسيا الوسطى وبحر قزوين تمثل منطقة نفوذ ونزاع بين أنقرة وطهران، لأنها تحتوي على مخزونات كبيرة من موارد الطاقة الطبيعية، لا سيما النفط والغاز. لقد احتاجت تركيا إلى استيراد ٩٠ % من حاجتها الوطنية من المنتجات النفطية، في حين أن إيران كانت تبحث عن مشترين متعطشين للطاقة لكي تستطيع التغلب على نظام العقوبات الذي أدى إلى تعطيل عجلة الاقتصاد الإيراني بالإضافة إلى العزلة الدولية على مدى العقود الماضية. وفي الختام، فإن الطائفية في السياسة الخارجية الإيرانية ليست مهمة في حد ذاتها، بل لعملها أداة سياسية لتحقيق أهداف الهيمنة الجيو-سياسية. وفي الوقت نفسه، تسعى تركيا إلى ما يطلق عليه "الاستقلالية الاستراتيجية"، أو "الديغولية التركية"، وهي سياسة خارجية تستند بقوة إلى القومية. ويمكن استغلال الدين، في بعض الأحوال، لتحقيق أهداف براغماتية وعقلانية بذكاء.