عناصر مشابهة

الوعي الكوني في مواجهة الاستنقاع المحلوي وعقد الهويات

تفصيل البيانات البيبلوغرافية
المصدر:قلمون : المجلة السورية للعلوم الإنسانية
الناشر: مركز حرمون للدراسات المعاصرة والجمعية السورية للعلوم الاجتماعية
المؤلف الرئيسي: الخطيب، منير (مؤلف)
المجلد/العدد:ع3
محكمة:نعم
الدولة:تركيا
التاريخ الميلادي:2017
الصفحات:75 - 100
ISSN:2548-1339
رقم MD:1163499
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة:Arabic
قواعد المعلومات:HumanIndex
مواضيع:
رابط المحتوى:
الوصف
المستخلص:إن تلازم ثوران الهويات المذهبية والطائفية والإثنية والمحلوية، مع ظواهر إعادة إنتاج التأخر التاريخي والهياكل و(المؤسسات) التي بنتها (الدولة) السلطانية المحدثة، وما نجم عن هذا التلازم من حروب داخلية، واحتقان اجتماعي، وسيادة منطق القوة والغلبة والقهر على مضمون العلاقات المجتمعية، وانهيار (الاجتماعات الوطنية) في أكثر من بلد عربي، وتراجع مفهومات الشعب والأمة والدولة والمواطنة والقانون العام والحرية، وفكرة الإنسان كائناً كلياً، جعل قضية تخطي البشر في (مجتمعاتنا) وعيها الهوويّ مرهوناً بانفتاح هذه المجتمعات على الحياة المعاصرة، وخروجها من المحلوية، وبامتلاك النخب السياسية والثقافية في بلادنا وعياً كونياً وإنسانياً، يسهم في دحض الأوهام الهوويّة التي تلغي حرية الإنسان وفردانيته واستقلاله. يرى ياسين الحافظ أن السياسة في بلد متأخر لا يمكن أن تكون سياسة تغيير راديكالي ما لم تملك وعياً كونياً. إن وعياً كهذا، أي وعي القسم المتقدم من العالم، هو الذي يفتح لشعب متأخر الطريق لولوج العصر. فالوعي المحلوي القرماوي لأمة مفوتة في الوحدة التي فرضها النظام الرأسمالي على العالم؛ وهو وعي مفوت، لذا لم يعد كافياً ولا مطابقاً لحاجاتها المتمثلة في تحديث بنياتها ورفعها إلى مستوى العصر، أي إلى مستوى البشرية الأكثر تقدماً في العالم. "إن تبنى أو استيعاب أمة مفوتة أيديولوجيا كونية هو السبيل الوحيد إلى وضع وعيها في قلب العصر. إن أمة تريد أن تتقدم لا بد أن تكونن وعيها، لأن التناقض، في ظل حالة التبعية التي تعيشها، لم يعد محصوراً داخل الإطار القومي، بل بين وعيها وممارسة أمم عصرية أخرى". وكان من أبرز تجليات الوعي الكوني عند ياسين الحافظ: نزعته الإنسانية الجذرية الحاكمة على الانتماءات الأخرى كلها، ونظرته إلى الثقافة الأوروبية والحداثة بوصفهما منجزات إنسانية عامة في متناول البشرية جمعاء، ولا سبيل أمام المجتمعات المتأخرة سوى تبني تلك المنجزات لولوج مسار التقدم. وتجلى وعيه الكوني أيضاً في رؤيته المسألة القومية، لا بوصفها انثناءً على الداخل أو عداءً للخارج، بل بوصفها نسيجاً سوسيولوجياً داخلياً، يصفي العلاقات ما قبل الوطنية، ويشكل رابطة مع العالم والكون مع الآخر في إطار وحدة التاريخ والمصير البشريين. وأصر على أن الكونية هي إحدى أهم أبعاد (الوعي المطابق) المطلوب بناءه في معارضة الوعي الأيديولوجي، وفي معارضة التقليد والتقليدية الجديدة، بوصفهما رمزين من رموز الثقافة المحلية ذات الطابع الفلكلوري، وأسسا معاً للهزيمة والأيديولوجيا المهزومة. وأيضاً، يسهم الوعي الكوني في زحزحة الأيديولوجيا الدينية عن أوثانها المحلوية وعن أوهامها العرقية والعنصرية، ويساعد في تواصلها مع الفضاء العالمي، وكسر عزلتها وتقوقعها على مركزية (الذات المتضخمة). ولا بد من القول: إن ياسين الحافظ راهن على الأنتلجنسيا في نقل الوعي الكوني إلى (مجتمعاتها) المتأخرة، نظراً إلى ضعف البورجوازيات الوطنية، ولكون ظاهرة التأخر حاكمة على كل العمارة المجتمعية. ويرى أن تشكل هذه الإنتلجنسيا المسلحة بوعي كوني هو مقدمة لوقف سيرورة الانحدار الناجمة عن تفاقم آثار تلك الهزيمة التاريخية الشاملة، التي ما برحت تفرخ وتنمو وتكبر في البنى المجتمعية والثقافية والأخلاقية في بلادنا: «هنا يتمثل جوهر مهام قوى التغيير الراديكالية العربية: إنضاج الشروط الأيديولوجية والسياسية اللازمة لنقل الشعب العربي من نمط مجتمعي إلى آخر، وبالتحديد نمط مجتمعي تقليدي أو شبه تقليدي إلى نمط مجتمعي حديث، معاصر.«